نظرية جان هي واحدة من أكثر الأساليب إثارة للاهتمام في عالم التحليل الفني للأسواق المالية. طوّرها ويليام ديلبرت جان، المتداول الأسطوري في أوائل القرن العشرين، تعتمد هذه النظرية على مبدأ بسيط لكنه عميق: السعر يساوي الزمن. هذا المبدأ، رغم بساطته، يحمل في طياته قوة تنبؤية مذهلة، حيث يساعد المتداولين على توقع القمم والقيعان في الأسواق بدقة عالية. في هذه المقالة، سنستعرض هذا المبدأ بالتفصيل، وكيف يمكن تطبيقه على أسواق مثل سهم تسلا وعملة الإثيريوم، مع شرح طرق جان الفلكية وأدواته التحليلية. إذا كنت متداولًا أو مهتمًا بفهم هذا الأسلوب، فهذه المقالة ستقدم لك دليلًا شاملًا.
ما هي نظرية جان؟
ويليام جان كان متداولًا استثنائيًا عُرف بهوسه بالتحليل الدقيق. لم يكتفِ بالتحليل الفني التقليدي، بل دمج بين الرياضيات، الهندسة، والفلك لتطوير أساليب فريدة. كان يؤمن أن الأسواق ليست عشوائية، بل تتبع أنماطًا زمنية وسعرية يمكن التنبؤ بها. أحد أبرز مبادئه هو معادلة السعر يساوي الزمن، التي تعني أن هناك علاقة مباشرة بين حركة السعر وعدد الوحدات الزمنية.
على سبيل المثال، إذا وصل سعر سهم إلى قمة عند 50 دولارًا، فإن جان يقترح أن هذا السعر قد يتوافق مع 50 وحدة زمنية (سواء كانت أيامًا، ساعات، أو أسابيع)، وبعد هذه المدة قد يحدث انعكاس في السوق. هذه الفكرة تعتمد على مفهوم الاتزان بين السعر والزمن، وهو ما يجعل هذا الأسلوب فعالًا في تحديد نقاط التحول في الأسواق.
مبدا النظرية
لو كنت درست مبادئ نظرية جان أو اطلعت على أوراقه من قبل، فهتلاحظ إن جان كان مهووس بفكرة ترقيم الشارت بتاعه، وبيبدأ يحط رموز وأرقام على الرسم البياني. كمثال، الشارت اللي قدامنا خاص بالـ soy beans أو حركة السوينجات، هنلاقي إنه عامل أرقام تحت بطريقة معينة،
وكمان حاطط رموز فلكية، أما الخطوط الرأسية اللي باينة على الشارت فهي الشموع، والخطوط أو الترندات السوداء دي عبارة عن ترندات فلكية (Astro Trends). جان كان بيجيب التقويم الفلكي بنفسه، ويرسم على ورق الرسم البياني يدويًا، وده طبعًا من أكتر من مئة سنة، قبل وجود الكمبيوتر أو الأدوات الحديثة. ورغم كده، كان بيشتغل بطرق قوية جدًا ومعقدة، بيعتمد فيها على حساب مواقع النجوم والكواكب على الشارت اللي بيحلله.
قد تسأل: إزاي كان يعرف مواقع الكواكب من آلاف السنين؟ الإجابة إن المعادلات الفلكية ثابتة، مش متغيرة. يعني معروف مثلًا إنه في يناير 2025 كوكب معين هيكون في درجة معينة من البرج الفلكي، وبعد عشر سنين هيكون في درجة أخرى محسوبة مسبقًا. فالموضوع كله قائم على حسابات دقيقة بتُعرف قبلها بسنين طويلة. زي ما المواقع الفلكية النهارده بتحدد ميلاد القمر أو بداية الشهر الهجري، اللي بيتحسب فلكيًا لكن في الإسلام لازم يكون معاه رؤية شرعية.
وده نفس المبدأ اللي اعتمد عليه جان لما كان بيرسم خطوط الكواكب على الشارت. كان بيحدد القمم والقيعان ويرقمها، يعني لو هنا عنده قاع يبدأ منه الحساب، يرقم الشموع بعده، ولو عنده قمة، يبدأ يرقم الشموع نزولًا منها. والأرقام اللي بتشوفها على الشارت زي 270 أو 276 مثلًا، دي بتمثل درجات أو مواقع فلكية معينة. فمثلًا، برج القوس ورمز المريخ ممكن يظهروا عند تلك الأرقام، بمعنى إن كوكب المريخ دخل برج القوس في التوقيت ده. لكن السؤال: إيه فايدة الكلام ده في التداول؟ مش كل الناس بتتقبل الجانب الفلكي، فخلينا نبسط الفكرة في الأساس اللي بنا عليه جان كل تحليله، وهو مبدأ “السعر يساوي الزمن” (Price = Time).
كيف كان جان يحلل الأسواق؟
كان جان يستخدم أدوات بسيطة ولكنها قوية. في عصره، لم تكن الحواسيب متاحة، لذا كان يعتمد على الرسوم البيانية الورقية. كان يرقم الشموع (البارات) على الرسم البياني، ويضيف رموزًا فلكية تشير إلى مواقع الكواكب والنجوم. هذه الرموز لم تكن مجرد زخرفة، بل كانت تعكس إيمانه بأن حركات الكواكب تؤثر على الأسواق المالية.
على سبيل المثال، كان جان يستخدم التقويم الفلكي لتحديد مواقع الكواكب مثل المريخ أو القمر، ويربط هذه المواقع بحركات الأسعار. ففي الرسم البياني، قد تجد أرقامًا مثل 270 أو 276، تشير إلى درجات فلكية (مثل دخول المريخ إلى برج القوس)، وهي نقاط يتوقع عندها حدوث تغيرات في السوق.
لماذا الفلك؟
قد يبدو استخدام الفلك في التداول غريبًا للبعض، لكن المعادلات الفلكية ثابتة ويمكن التنبؤ بها بدقة عالية. على سبيل المثال، يمكننا معرفة موقع كوكب معين في يناير 2025، أو حتى بعد عشر سنوات. هذه الثباتية جعلت جان يعتمد على الفلك كأداة لتحليل الأسواق، حيث كان يربط بين حركات الكواكب ونقاط الاتزان في السعر والزمن.
في الإسلام، نجد أمثلة مشابهة لاستخدام الفلك، مثل تحديد بداية الشهر الهجري بناءً على رؤية القمر. ومع ذلك، يتطلب الأمر في بعض الحالات رؤية بصرية (كما في رمضان)، لكن المعادلات الفلكية توفر أساسًا دقيقًا يمكن الاعتماد عليه.
أهمية التحليل التاريخي في نظرية جان
أحد أهم أركان نظرية جان هو الاعتماد على البيانات التاريخية لتحديد أنماط السعر والزمن. كان ويليام جان يؤمن أن الأسواق تتحرك وفقًا لدورات متكررة، وأن القمم والقيعان السابقة تحمل أدلة حاسمة لتوقع الحركات المستقبلية. عند تحليل السعر والزمن، كان جان يرقم كل نقطة مهمة على الرسم البياني، سواء كانت قمة أو قاعًا، ويربطها بالتاريخ الماضي للأصل المالي.
لماذا التحليل التاريخي؟
التاريخ في الأسواق المالية ليس مجرد سجل للأسعار، بل هو خريطة للأنماط السلوكية. على سبيل المثال، إذا وصل سهم تسلا إلى قمة عند 490 دولارًا في ديسمبر 2024، فإن جان ينصح بدراسة القمم السابقة (مثل تلك التي حدثت قبل سنوات) لتحديد ما إذا كانت هناك أنماط زمنية أو سعرية متكررة. قد تجد، على سبيل المثال، أن السعر يميل إلى الانعكاس بعد 490 يومًا أو عندما يتزامن مع حركة فلكية معينة، مثل تحرك القمر بـ 13 درجة يوميًا.
كيفية تطبيق التحليل التاريخي
-
جمع البيانات التاريخية: ابدأ بجمع بيانات الأسعار للأصل المالي (مثل الإثيريوم أو تسلا) على مدى سنوات. ركز على القمم والقيعان الرئيسية.
-
ترقيم النقاط: كما فعل جان، قم بترقيم الشموع (البارات) من القمة أو القاع، وربطها بوحدات زمنية (أيام، ساعات، أو درجات فلكية).
-
تحديد الدورات: ابحث عن تكرار الأنماط. على سبيل المثال، إذا كان الإثيريوم قد وصل إلى قاع عند 1389 دولارًا في الماضي، تحقق مما إذا كان السعر قد تحرك لمدة 1389 ساعة قبل أن ينعكس.
-
استخدام الأدوات الفلكية: إذا كنت تستخدم التحليل الفلكي، تحقق من مواقع الكواكب (مثل عطارد أو المريخ) في التواريخ المهمة السابقة، وربطها بالحركات السعرية.
المثال الأول: الإثيريوم
لنفترض أن الإثيريوم وصل إلى قاع عند سعر 1389 دولارًا. وفقًا لنظرية جان، يمكننا استخدام هذا الرقم كوحدة زمنية. بدلاً من انتظار 1389 يومًا (وهو أمر غير عملي)، يمكننا تحويل الوحدة إلى ساعات. إذا تحرك السعر لمدة 1389 ساعة (أي حوالي 57 يومًا)، قد يصل السوق إلى نقطة اتزان، حيث يحدث انعكاس أو تغير في الاتجاه.
في حالة الإثيريوم، لو افترضنا أن القاع كان عند 1389 دولارًا، وبعد 1389 ساعة، وصل السعر إلى نقطة مقاومة أو انعكاس. هذا يعني أن السعر والزمن وصلا إلى حالة اتزان، وهي النقطة التي يتوقع عندها جان حدوث تغيير في السوق.
المثال الثاني: تسلا
كان عامل قاع واضح، وفيه قمة عند مستوى 490 تقريبًا. أنا استخدمت نفس مبدأ الـTime Measure، وهنبدأ من هنا بمعادلة جان الأساسية: السعر = الزمن. يعني لو السعر عندنا 490 دولار، فهنمشي بزمن يساوي نفس الرقم، يعني 490 وحدة زمنية. والوحدة دي ممكن تكون يوم، أسبوع، شهر، أو حتى درجة فلكية (Degree). أنا طبقت هنا المقياس على الدرجات الفلكية للكوكب ميركوري (عطارد) باستخدام برنامج Optuma Gann Trader — وده البرنامج اللي بستخدمه في التحليل الرقمي والفلكي. هو بيحسب المعادلات دي تلقائيًا، لكن مش شرط يكون عندك نفس البرنامج، تقدر تعملها يدويًا على أي برنامج مجاني أو موقع فلكي على الإنترنت.
كمثال، لو بدأت القياس من يوم 18 ديسمبر 2024، وشفت حركة كوكب عطارد من اليوم ده لحد أبريل 2025، هتقدر تعرف هو اتحرك كام درجة خلال الفترة دي. لما طبقت المقياس ده على الشارت، واخترت إن الوحدة السعرية = الوحدة الزمنية، يعني كل دولار = وحدة زمنية واحدة، طلعت النتيجة إن القاع اتكون فعلاً في نهاية أبريل 2025. والسعر وقتها كان قرب 230 دولار، وبعدها بدأ في صعود قوي وصل إلى حوالي 360 دولار. وده اللي بنسميه في نظرية جان نقطة الاتزان بين السعر والزمن (Price-Time Equilibrium)، لأن عند الرقم 490 حصل توازن دقيق بين السعر والزمن، وده اللي أنتج حركة صعود قوية. خلالها السهم طلع تقريبًا 130 دولار — يعني حوالي 50% ارتفاع من القاع.
لنأخذ سهم تسلا كمثال آخر. لنفترض أن السهم وصل إلى قمة عند 490 دولارًا. وفقًا لمعادلة جان، يمكننا توقع أن السعر سيتحرك لمدة 490 وحدة زمنية (سواء كانت أيامًا، ساعات، أو حتى درجات فلكية). إذا استخدمنا درجات فلكية (مثل حركة كوكب عطارد)، قد نجد أن السوق يصل إلى نقطة اتزان في نهاية أبريل 2025.
في هذا المثال، لو تحرك السعر من قاع عند 230 دولارًا إلى 360 دولارًا بعد 490 وحدة زمنية، فإن هذا يعكس اتزانًا بين السعر والزمن. هذا الاتزان قد يؤدي إلى صعود قوي في السعر (كما حدث في المثال، حيث ارتفع السهم بنسبة 50% تقريبًا).
القياس السعري في نظرية جان
بالإضافة إلى معادلة السعر يساوي الزمن، استخدم جان أسلوبًا آخر يُعرف بـالقياس السعري. في هذا الأسلوب، يتم قياس حركة السعر بنسبة مئوية من القاع أو القمة. على سبيل المثال، إذا كان القاع عند 1389 دولارًا، فإن التحرك بنسبة 100% يعني الوصول إلى 2778 دولارًا (1389 × 2). هذه النقطة غالبًا ما تكون مقاومة قوية في السوق.
في حالة تسلا، إذا كانت القمة عند 490 دولارًا، يمكننا تقسيم الرقم على 10 للحصول على 49.1% كقياس سعري. إذا انخفض السهم بنسبة 50% تقريبًا من القمة، فقد يصل إلى نقطة اتزان أخرى، حيث يبدأ السعر في التذبذب أو التجميع قبل الانعكاس.
الأدوات المستخدمة في تحليل نظرية جان
جان لم يعتمد فقط على الحسابات اليدوية. كان يستخدم أدوات مثل برنامج “Optuma Gann Trader” (الذي لا يزال يُستخدم حتى اليوم) لحساب العلاقات بين السعر والزمن بدقة. هذه الأدوات تتيح للمتداولين تحديد الدرجات الفلكية (مثل حركة الشمس أو القمر) وتطبيقها على الرسوم البيانية.
ومع ذلك، لا تحتاج إلى برامج متقدمة لتطبيق هذه النظرية. يمكنك استخدام مواقع فلكية مجانية على الإنترنت لتحديد حركات الكواكب، ثم تطبيقها يدويًا على الرسم البياني. على سبيل المثال، يمكنك حساب درجات حركة القمر (حوالي 13 درجة يوميًا) واستخدامها كوحدات زمنية.
نصائح لتطبيق نظرية جان
- ابدأ بالبساطة: ركز على معادلة السعر يساوي الزمن، وجرب وحدات زمنية مختلفة (ساعات، أيام، أسابيع).
- استخدم التاريخ السابق: كلما قمت بتحليل القمم والقيعان السابقة، زادت دقة توقعاتك.
- دمج الأساليب: لا تعتمد على معادلة واحدة فقط. جرب القياس السعري والتحليل الفلكي معًا.
- تعلم الفلك الأساسي: فهم حركات الكواكب مثل القمر أو عطارد يمكن أن يعزز تحليلك.
- استخدم أدوات حديثة: برامج مثل Optuma أو مواقع التقويم الفلكي يمكن أن توفر الوقت والجهد.
الخلاصة
نظرية جان هي أداة قوية للمتداولين الذين يسعون لفهم الأسواق بعمق. من خلال معادلة السعر يساوي الزمن، يمكنك توقع نقاط التحول في الأسواق بدقة، سواء كنت تتداول أسهمًا مثل تسلا أو عملات رقمية مثل الإثيريوم. الجمع بين التحليل السعري، الزمني، والفلكي يمنحك ميزة تنافسية، ولكن يتطلب الأمر ممارسة وتجربة مستمرة.